حوالي 10 سفن ، خلال الشهر الجاري ، رغم العدد الكبير من السفن الحربية التابعة للدول الكبرى ، أو بالأحرى الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية ، ما يطرح تساؤلات وأسئلة عدة:
أولا: لقد أثبتت حادثة تحريرالقبطان الأميركي ، ومقتل القراصنة الذين اختطفوه الدور الكبير الذي يمكن أن تؤديه السفن الحربية الأميركية ، ومقدرتها في الحد من القرصنة ، ومن هنا يبرز السؤال الهام لماذا لم تقم بهذا الدور؟ ، ومن وراء تزايد حوادث القرصنة ، رغم وجود هذه السفن وبكثافة وفاعلية؟.
أليس هذا مدعاة للشك بأن هناك أيدي خفية وراء هذه القرصنة؟ وأن النشاط الملحوظ ، وغير الطبيعي للقراصنة ، في ظل تصاعد الاهتمام الدولي بهذه القضية ، والمتمثل بصدور قرار من مجلس الأمن ، يوحي لا بل ويؤكد ، وجود قوى خفية وراء الستارة ، تحرك هذه الدمى ، لتحقيق أغراض وأهداف إستراتيجية ، في ظل الفوضى العارمة والحرب التي تطحن الصومال والصوماليين.
إن زيارة نائب أميركي إلى الصومال في هذا الوقت بالذات ، والأطماع الأميركية القديمة والجديدة ، في السيطرة على هذا البلد ، والتي فشلت في عام 1993 ، بعد المقاومة العنيفة للقوات الأميركية ، وقتل عدد من الجنود ، وسحل بعضهم في شوارع مقديشو ، تؤكد أن ما يحدث هو جزء من سيناريو أميركي ، للعودة إلى الصومال من باب مكافحة القرصنة ، وهذا ما ترجحه وقائع الأحداث التي ترتسم على صفحة مياه المحيط ، في ضوء ترحيب واشنطن بتولي الشيخ شريف أحمد رئاسة الصومال.
ومن هنا يبدو أن هذا السيناريو الذي تديره واشنطن بحرفية ، سينتهي بموافقة مقديشو على تواجد أميركي على الساحل الصومالي ، يبدأ رمزيا كالعادة ، ثم يتوسع حتى يصبح قاعدة بحرية كبرى تتحكم في الصومال ، والقرن الإفريقي ، وخطوط الملاحة عبر هذا المحيط وخليج عدن.
إن المفارقة العجيبة الغريبة في كل ما يحدث ، رغم وضوح أهدافه ، هو الغياب العربي ، رغم أن البحر الأحمر هو بحر عربي ، ورغم أن صادرات النفط العربي تمر عبر هذا الممر الملاحي ، ورغم إحساسنا بأن العدو الصهيوني ليس ببعيد عن كل ما يجري ، إن لم تكن له يد في السيناريو الذي تدور أحداثه حول القرن الإفريقي ، بدليل عدم تعرض أي سفينة إسرائيلية للقرصنة وهذا في تقديرنا ليس بعمل عفوي ، أو صدفة وإنما هو جزء من المشهد الذي أشًرنا إليه ، ما يشي ، ويؤكد ، بأن القراصنة الصوماليين هم الجزء الظاهر من مؤامرة كبرى ، للسيطرة على البحر الأحمر والسواحل الصومالية والقرن الإفريقي ، وأن تزايد حوادث القرصنة ، تعني بداية العد التنازلي لنهاية هذه الظاهرة ، وعودة الأساطيل الأميركية إلى التمركز في سواحل الصومال.