تسلّل إلى بعض وكالات الأنباء خبر طريف مسلّ وجدير بالاهتمام في هذا العالم الغريب. يقول هذا الخبر بكلّ بساطة إنّ كلبة بوتين التهمت في غفلة من الحرّاس الطعام المعدّ لأعضاء الحزب الحاكم في روسيا !!!.و سكت الخبر عن ردّة فعل بوتين وأعضاء حزبه ôلكنّه أطنب في تفصيل ما التهمته. فأكّد أنّها تجاوزت المالح منه إلى الحلو لأنّها-بشهادة البعض التهمت المرطّبات المصاحبة كذلك !!! في حين نفت وكالات أخرى أن تكون الكلبة العزيزة على قلب سيّدها أكولا وأشارت إلى أنّها اكتفت-كعادتها في المناسبات الهامّة التي يحضرها بوتين- بسلطة وقليل من الحساء وشريحة لحم !!!.ونفت أن تكون قد تجرّأت على المرطّبات. واعتبرت ما راج من أخبار افتراءات من المعارضة ومحاولات رخيصة فاشلة لزعزعة الأمن و الاستقرار في البلاد !!!
وإذا كان بوتين في روسيا رئيسا للوزراء برتبة رئيس جمهوريّة -دخلا وسلطة- التهم كلّ مصادر النفوذ في البلاد،ووضع من أراد في السجن دون محاسبة فكيف لا تتجرّأ كلبته على طعام أنصاره من الحزب !!؟ وأين الغرابة في أن يصطفّ أعضاء حزبه واقفين مشجّعين لها على مزيد من الأكل بغاية التقرّب من سيّدها الذي يشرف على كلّ شيء ويدير كلّ شيء !!! وما الذي يمنع أن تلعق الكلبة ما خلّفه سيّدها في حملة تنظيف الشوارع والجيوب التيّ يقودها باقتدار ،والتّي ستستفيد منها الأجيال القادمة بلا أدنى شك.
ولم يكن السيّد بوتين الرئيس الوحيد الذي أطلق العنان لكلبته .ففي أمريكا الصديق اللّدود للسيّد بوتين كانت لكلبة بوش أيضا حظوة في الصحافة العالميّة، وحضور قويّ غطّى في كثير من الأحيان على أحداث كثيرة هزّت العالم. فعلى مدى سنوات حكمه كانت كلبته مبجّلة ينحني لمقدمها الحرّاس، ويتلصّص الفضوليون لرؤيتها وملء العين بطلعتها البهيّة وحركاتها البهلوانيّة خاصّة بعد أن عدّها، في إحدى تصريحاته، ابنته التي لم ينجبها.
وقد شاهدها العالم مرارا، في أحلك ظروف الحرب على الإرهاب، وهي تتلوّى بين قدميه، وتسبقه في النزول من الهيلوكبتر، وتقفز فرحا لانتصارات الجيش الأمريكيّ على الإرهاب في كلّ مكان !!! وتعربد في حديقة البيت الأبيض، وفي المنتجعات التّي كان الرئيس الأمريكيّ السابق يقضي فيها عطله. وقد علت مرتبتها، في الداخل والخارج، حتّى حصلت قناعة لدى كثيرين بأنّ الوصول إلى الرئيس يمرّ عبر كلبته. ولا تسل عن الحزن الذي خيّم على البيت الأبيض لمّا توفّيت وودّعت روحها الطاهرة هذه الأرض الملوّثة. فقد بكاها الرئيس كما لم يبك من قبل. وتوقّف عن العمل لحضور جنازتها المهيبة.ولولا الحياء الدبلوماسيّ!! والحرص على حماية الأسرار لنشر البيت الأبيض رسائل العزاء التّي وصلت إلى السيّد والسيّدة بوش من رؤساء وملوك أبوا إلا أن يعبّروا للرئيس الأمريكي عن مشاعر التعاطف والحزن للمصاب الجلل الذّي أصاب أمريكا وأفقدها كلبة بارّة آمنت بقيم الجمهوريّة وبمحاربة الإرهاب وناضلت من أجل تجفيف ينابيعه وإسقاط –الدكتاتور- العراقيّ!!!. وقد تردّد في الغرف المظلمة أنّ القاعدة عرضت على الرئيس هدنة تتواصل إلى أربعينيّة المرحومة !!!!ولقد كانت وفاة الكلبة مناسبة اكتشف فيها سيّد البيت الأبيض قدرة اللغة العربيّة على انتقاء كلمات العزاء والرثاء والبكاء والمواساة فعبّر عن إعجابه بهذه اللغة المظلومة وامتنانه لأصحابها مثمّنا وفاءهم وإخلاصهم في مشاركة الناس أحزانهم ومصائبهم!!!!
لقد مرّت- الآن- أشهر على وفاة الكلبة وما زال الحزن يمزّق قلب سيّدها ..بل تضاعف بعد خروجه من البيت الأبيض، واكتشافه أنّ الزّمن كلب من طينة أخرى يغدر بصاحبه فيلقي به في غياهب النسيان.
وإذا كان بوش عرف الفراق، فإنّ زوجة الرئيس الفرنسيّ الإيطاليّة بالولادة والفرنسيّة بالزّواج ما زالت تتمتّع بصحبة أنيسها الكلب تصاحبه يوميّا في جولة تكون فيها محفوفة بأعوان كلّ همّهم حماية قيثارتها وكلبها الذي بدا نجمه في صعود بعد أن بالغت في مدحه، والتركيز على خصاله. فإذا كانت هذه المرأة قد عانت من غدر مَن عرفت من رجال ونساء فإنّها وجدت في كلبها وفاء أنساها غربتها في فرنسا وجعلها تستأنس بمحيطها. ولا تفوّت السيّدة الأولى أيّ فرصة لتؤكّد استقرار حياتها الزوجيّة ولتكيل لكلبها المديح !!!
لم يبق لدول العالم الثالث في زمن الكلاب من دور إلا المشاركة في انتخاب الكلب الأمثل من بين الكلاب الروسيّة والأمريكية والفرنسيّة المترشّحة. ومن حقّه أن يختار في انتخابات حرّة مباشرة وبحضور مراقبين دوليين، بين كلبة بوتين آكلة طعام أعضاء حزب سيّدها وكلبة بوش الوفيّة التّي ماتت حزنا على الجنود الأمريكان في العراق ،وكلب سيّدة فرنسا الأولى الذي يطرب لصوت القيثارة ويتقن اللغة الإيطاليّة والفرنسيّة؟
أمّا الكلاب العربيّة المشرّدة في كلّ أرض فلها كلّ مزابل العالم تتخيّر منها ما تشاء.ولها أيضا أن تستمع إلى الشاعر أحمد فؤاد نجم وهو يبكي في حرقة كلب الستّ.