ليست من طباعي المغامرة، لازمني الخوف ولازمته سنين طويلة، ولم يبرح عني.. تربيت علي الطاعة ولم يجنح تفكيري يمينا أو يسارا.. كنت تقليديا في زمن التغيير.. ساكنا في وقت كل شيء فيه يتحرك.. متجهما وعبوسا والوشوش حولي تملئها الابتسامة والرضا.. أمنت بكل الحكم الوسطية..
أشياء كثيرة سقطت مني وذهبت نتيجة التردد والخوف من المجهول، كنت دائما اخشي المواجهة، أو التعبير عن مشاعري وكأني لم أتعلم بعد الكلام.. فلم أكن من عشاق المقامرة.. وكان الرهان يعني لي مصادفة الفرص الطائرة..تأتي أو لا تأتي.. لكنها تظل أملا تأرجحه الرياح..
ولأنني احترم مشاعري لأنها تحمل لمساتك لم أرضخ لأي إغراءات، ولم أبيع أشعاري علي أرصفة العاشقين، بل كنت حريص علي تخزينها، وعدم البوح بانفعالاتي لأحد، ولم أؤمن يوما بمسك العصا من منتصفها.. وضعت سنين الحرمان علي قلبي خطوطا عريضة أثقلت من خطوته، وضيقت المسافات بينه وبين الحلم والتمني.. فصرت أسيرا للظروف منصاع لها ومنفذا لأوامرها دون مناقشة.. ولم أتجرأ يوما عليها، رغم رغبتي العارمة في نسفها.. إلا أن قلة حيلتي كانت تحول دون إتمام لحظات انطلاقي..
لكن عيناك أفسحت لي الطريق، جرأتني وأعطتني الثقة.. كنت عندما أنظر إليها اشعر بمدي احتوائها وصدقها وحنوها.. كانت أحيانا تجذبني إليها بقوة مرددة لا تقلق.. اقتحمني واقترب مني.. فلن تجد غير عيني لتدفئ أيام شتائك.. ولن تجد قلبا يحتوي كل احباطاتك وآلامك سوي قلبي..وعندما اقتربت تبخرت كل الهموم والمشاكل.. وتذوقت حلاوة الدنيا..
نعم.. حرضتني عيناك علي الثورة، ودفعتني كي اعتلي جوادي وأشهر سيفي وأتقدم صفوف العاشقين لأقطف نجوم السماء لأميرتي التي بددت لي ظلمة أيامي..
لن أقول أحبك.. بل أعشقك.. أتنفسك.. أتوحد معك.. وأذوب في أنفاسك.. معك الأيام لها طعم آخر.. معك الأيام لها معني..
رجاء أخير، يفزعني كثيرا سماع دقات قلبك عندما أحدثك.. أشعر بأنه أقرب إلى التوقف من شدة سرعته، فرفقا بقلبي.. أقصد بقلبك.