اليوم تبدأ إسرائيل ما تعتبره أكبر مناورات في تاريخها، وسط تعتيم واضح من الجهات التي لا تنفك تندد بأي مناورات تشرع فيها دولة عربية أو إسلامية، ورغم قلق الدول المحيطة بإسرائيل من هذه المناورات وكأن ما تفعله اسرائيل حق لها لا يحتاج الى انتقاد او احتجاج.
ولا تفلت اسرائيل في الحقيقة أي مناسبة تتعالى فيها دقات طبول الحرب الا وتشارك فيها فهي تعبر دائماً عن مخاوفها تجاه النشاطات العسكرية في كوريا الشمالية مخافة ان تصل اسلحتها وتقنياتها الى الشرق الأوسط، كما انها تحشد كل أنصارها وخاصة في اوروبا والولايات المتحدة لمواجهة برنامج إيران النووي حتى لو أدى الأمر إلى حرب لا تبقي ولا تذر في المنطقة، وكذلك تعتزم إسرائيل المشاركة في قمة لمنظمة الدول الأميركية تعقد قريباً في هندوراس للتحريض ايضا ضد ايران وسبق أن نددت اسرائيل والولايات المتحدة بمناورات نفذتها دول عربية محيطة بإسرائيل حتى لو كانت مناورات دفاعية بحتة.
وهذه المناورات العسكرية الإسرائيلية المحمومة لا تشير مطلقاً إلى أن لدى إسرائيل أي نية لصنع أرضية يمكن الانطلاق عليها صوب السلام الشامل، رغم أن معظم استطلاعات الرأي وتحليلات المراقبين لأمن وسلام الشرق الأوسط تؤكد أن السلام والسلام وحده هو الضامن لأمن حقيقي ودائم لإسرائيل والاسرائيليين. ورغم حالة القلق التي تنتاب الشعوب العربية وخاصة شعوب الدول المحيطة باسرائيل، مثل لبنان من جراء الأنشطة العسكرية العدوانية الإسرائيلية، فان هذا لا يحرك ساكنا لدى تلك الدول التي تدعي العمل من اجل السلام في المنطقة، مما يعطي الانطباع حقيقة أن مجرد القلق من المناورات الإسرائيلية غير مطلوب في عرف هذه الدول وغيرها من الجهات التي تعمل على تأمين اسرائيل تأميناً مطلقاً.
وتأتي هذه المناورات الإسرائيلية قبل عدة أيام من زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمنطقة، لطمأنتها الى ان هناك مشروع سلام أميركيا يساعد على وضع حد للصراع العربي الاسرائيلي. فهل يحتاج السلام الى ان تنفذ اسرائيل اكبر مناورات في تاريخها؟
ان احترام الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني يجب ان يكون الاساس في التعامل مع أي دولة تحمي مصالح اسرائيل وتمنحها غطاءً لتنفذ كل توجهاتها العدوانية في المنطقة. صحيح ان لدى الرئيس أوباما توجهات تصالحية مع العرب والمسلمين تثير ارتياحا نسبياً في البلاد العربية، لكن الشواهد تؤكد ان أوباما نفسه لا يسلم من انتقادات داعمي اسرائيل حتى داخل الولايات المتحدة الاميركية نفسها. مما يزعزع الثقة في قدرة الإدارة الأميركية على تنفيذ أي برنامج سلام قابل للتطبيق. خاصة امام الرفض الاسرائيلي لحل الدولتين او الانسحاب إلى خطوط الرابع من يونيو 67 او عودة اللاجئين وفوق كل ذلك تواصل الحشد العسكري والمناورات والعدوان على الفلسطينيين ودول الجوار، وفي ذلك اوضح رد اسرائيلي على تحركات السلام وأيضا على دعاة حسن النية تجاه اسرائيل.