خاب إشراك الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لبلاده في مشكلة "الشرق الأوسط " منذ الخطوة الأولى التي سار بها على هذا الطريق ، وهو ما أكده و إن بشكل غير مباشر ، مبعوثه جورج ميتشل في تصريحاته خلال جولته في المنطقة والتي انتهت دون الإعلان عن ما يبشر بإمكانية توطين السلام في إحدى نقاط العالم الأكثر سخونة .
إعلان سيد البيت الأبيض الجديد أنه وإدارته سيمدون أيديهم للذين يرغبون في السلام ، دونه عقبات جمة ، أولها و أساسها عدم رغبة إسرائيل بأي شكل من أشكال السلام ، رغم المجيء بالمفاوض السابق وأحد صانعي السلام في ايرلندا الشمالية ميتشل مبعوثا إلى الشرق الأوسط، لنقل جدية الإدارة الأمريكية، على ضوء التحديات الطارئة و المتشعبة التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية.
أوباما الذي اعتبر بعض جهابذة التحليل السياسي والاستراتيجي في الساحة العربية، أنه شكل قطيعة مع سياسة سلفه بوش ، لم يبد مؤشرات إلى انه يعتزم الابتعاد عن خط الإدارة السابقة ، المتشدد حيال حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حين دعم الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، معتبرا انه تحرك دفاعي ضد عمليات إطلاق الصواريخ من القطاع على إسرائيل.
كما لم يأت على ذكر المستوطنات في الضفة الغربية، التي تطرح مشكلة شائكة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، والتي أماطت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، فور بدء أوباما لمهامه الرئاسية ، اللثام عن زيادة في نسبة الاستيطان بالضفة الغربية و القدس و صلت إلى 60 في المئة خلال العامين الماضيين.
وعندما شككت إسرائيل في حدود المسؤوليات المعطاة له، أعلن أوباما انه يمحض ميتشل ثقته الكاملة ويعتبره متحدثاً باسمه. ووصفه في حضور وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، بأنه مذلل العقبات، على اعتبار أن استقامته في العمل وحياده بين المتحاورين دفعاه إلى تحقيق هدف عجز عنه الكثيرون.
نجاح ميتشل الديموقراطي الماروني الكاثوليكي والمتحدر من أم لبنانية ، في حمل قادة الطائفتين البروتستانتية والكاثوليكية في ايرلندا الشمالية على التفاوض والتوافق وصولا إلى توقيع اتفاق سلام تاريخي عام 1998، لا إمكانية لإسقاطه على قضية فلسطين ، إذ لا وجه للشبه على الإطلاق بين القضيتين ، لا من حيث الأسباب التاريخية. و لا من حيث النتائج على الأرض .
كما أن ميتشل الذي اعتبر آنذاك من الشخصيات النادرة في عملية السلام التي تحظى بثقة جميع الأطراف، و عرف في بلفاست بأنه شخص أمين ومحاور بارع ورزين ، لا يبدو كذلك اليوم على صعيد المفاوضات العربية –الإسرائيلية .و إلا ما معنى استثناء سوريا و حركة حماس من زيارته ، رغم إدراكه و إدارته أن الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط ، لا بد أن يمر عبر سورية . و أن مفتاح الحل لأزمة السلام بالمنطقة موجود في دمشق . وأن حركة حماس أصبحت اليوم تمثل واقعا ملموسا و أضحت مفتاح الحل فلسطينيا ،إلى جانب بعض فصائل المقاومة الفلسطينية ، و ليس سلطة الحكم الإداري الذاتي المحدود .
ونذكر هنا بفشل ميتشل بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي خلال الانتفاضة التي اندلعت بعد انهيار عملية السلام التي جرت برعاية الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت بيل كلينتون عام 2000 حيث لم تثمر جهوده عن نتيجة و هو الذي قدم في تقريره وجهة نظر مختلفة عن كل ما جاء في تقارير المبعوثين الأميركيين. وهو تقرير انتقده رئيس وزراء إسرائيل في حينه أيهود باراك، لأنه طالب بضرورة وقف عمليات الاستيطان كمدخل للحوار والتفاوض. كما وصف زيارة ارييل شارون لباحة الحرم القدسي بتاريخ 28 أيلول 2000 بالاستفزازية ، لأنها فجرت الانتفاضة.. ولهذا قال ميتشل انه «لا يسيء تقدير صعوبة» المهمة الجديدة الموكلة إليه. وانه سيعمل على تطوير دوره من شريك في لجنة تقصي الحقائق في ذلك العام ، إلى مبعوث خاص يعكس رأي الرئيس، مثلما كان دوره في ايرلندا الشمالية سنة 1996.و السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو هل يستطيع ميتشل تحقيق أمل رئيسه أوباما في فرض حل الدولتين ؟ علما أن هذا الحل مرفوض جملة و تفصيلا من قبل الشعب الفلسطيني و قواه الحية ومعهم الكثير من أحرار العرب و المسلمين و العالم ، لأنه حل غير منطقي و غير واقعي وهو حل يجافي الحقيقة التاريخية التي تقول: إن فلسطين التاريخية هي للشعب الفلسطيني و للأمة العربية و الإسلامية ، و ليست للصهاينة الغرباء.
الجمعة فبراير 13, 2009 5:50 am
