طلب المحكوم بالشنق أن ينقلوه من مشنقة إلى أخرى , وأصر على طلبه , فسأله السجان مستغرباً : لماذا؟ وما الفرق بين هذا وذاك فالحبل واحد والعامود واحد والكرسي واحد؟ . تنهد المحكوم وعلى وجهه ابتسامة يشوبها الأسى قائلاً : لكي أرتاح على الطريق .
وهانحن منذ أكثر من ستين عاماً نرتاح على الطريق...
كنا ندعو , ونأمل أن تأتي حكومة " تسي – بي " فخاب أملنا وجاءت حكومة " بي – بي "
فقمة طموحنا ومبلغ آمالنا , أن يأتي من يرضى أن يصالحنا , أن يأتي من يقبل مبادرتنا العربية " العصماء " .
فلاسفة الهزيمة مقتنعون بأن ليفني كانت تسعى إلى الصلح , لذلك فمن الضروري أن نفرح لمجيئها .
وفلاسفة الهزيمة أنفسهم قالوا لنا في الماضي أن نتنياهو , هو الوحيد القادر على القبول بالسلام , لذلك يجب أن نفرح لمجيئه .
سلام ليفني جاء بالمذابح والمجازر .....
وسلام نتنياهو سيأتي بقضم مزيد من الأرض العربية .....هذه المرة ( بالتفاوض ) .
ومنذ الآن وحتى رحيل نتنياهو , سنجمع رمال الصحاري ( الكثيرة ) لنصنع منها جبالاً تحجبنا عن الحقيقة , وتساعدنا على غرس رؤوسنا فيها .
مؤتمر القمة آت , والتضامن العربي عنوانه , ولكن حتى الآن نجهل شعاره , ليتكم لا تجعلونه " أبكِ ملكاً ضائعاً".
" المبادرة العربية لن تبق إلى الأبد " سمعنا تلك العبارة , وفاتنا نصفها الآخر الذي لم نسمعه , " إن طويت المبادرة فما هي البدائل ؟" .
الصمت ؟ السكوت ؟ ...
هم واضحون في ما يقولون , ويتصرفون , ويعبثون , لم يعد بإمكاننا أن نقول " انتظرناهم من الغرب , فجاؤونا من الشرق ".
يذبحون , ويحتلون , ويحرقون ... ونستنكر , ونشجب , ونصرح , ونرفع الأمر إلى أولياء الأمر في مجلس
الأمن.
في الأمس حاول شارون اقتحام المسجد الأقصى ... وغدا سيحاول نتنياهو اقتحام المسجد الأقصى .
في الأمس حاولوا بناء كنيس يهودي جانب الأقصى ... وغدا سيتم هذا البناء .
كنا نهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور ... فأصبحنا نهدد " يا مجلس الأمن اليد بزنارك "
القدس " عروس عروبتكم " أيها السادة .... فلا تجعلوها " أرملة عروبتكم " وتجعلونا أيتامها
نتنياهو يقدم لنا عرضاً سخياً ( خمس قرى في الجولان المحتل , مقابل إنهاء حالة الحرب ) .
ليبرمان " صاحب الخارجية الجديد " منّ علينا بقبوله حل الدولتين , ولكن......
يشاي لا مانع لديه بحل الدولتين ولكن ( القدس يجب أن تبقى موحدة ).
ويبارك حكومتهم وخططها الحاكم الأمريكي أوباما , وتؤيدها كلينتون .. والمنسق الأوروبي سولانا.
ويجب على حماس أن تقبل بما يمليه جهابذة الفكر اليهودي , وأن تسلم أسلحتها تعبيراً عن فرحها بعطايا حكومة السلام الإسرائيلية العتيدة ( السلام مقابل تعاون اقتصادي كامل ). وتوافق على كل ما تم التوقيع عليه من الحكومات السابقة .
أيها السادة :
مؤتمر القمة قادم ....
كيف سنتكلم مع نتنياهو ... ما هي القرارات التي سنواجه حكومته بها .... هل سنمدد عرض المبادرة العربية عاماً آخر ... وننتظر أن يأتي ( معتدلاً ) آخر يفتتح مجزرة في بقعة أخرى من وطننا . لنعرض المبادرة عليه مرة أخرى .
ستون عاما من عمر أمة بما في ذلك دماء مراقة , حروب , شعارات , أناشيد , شعر .... نعم شعر , تختزل كلها في أن تقبل إسرائيل مبادرتنا العربية .
لماذا على إسرائيل أن تقبل المبادرة , وإذا لم تقبلها فماذا سيكون مصيرها- المبادرة - ؟
لا شيء .. مزيد من الفتك , بما تبقى من مقاومة , ومزيد من التدمير وسفك الدماء .
يقول الإسرائيليون " العرب لا يقرؤون "
ولكننا نرى ... ألا تعتقدون أننا نرى؟ ....
انتقلنا من تحرير كامل التراب , إلى تحرير النصف .....ثم إلى تحرير ما تيسر .... وتحولنا من الرفض الكامل للوجود الإسرائيلي ... إلى القبول المشروط .... ثم إلى القبول غير المشروط .... ومن الاعتراف الممكن بعد أجيال كثيرة ... إلى اعتراف هذا الجيل....اعتراف فوري .... تبادل علاقات كاملة .... ومازالت إسرائيل
تمارس فنون السحر علينا ..
ونشوة النصر علينا ...
ولذة الساخر من عجزنا ...
أيها السادة
يقولون لقد شكل نتنياهو حكومة يمينية متطرفة
ونجيب متى كانت حكومات إسرائيل يسارية معتدلة ؟
يقولون إن نوايا الحكومة الجديدة قد بدأت تطفو على السطح
ونجيب متى كانت نوايا إسرائيل غير ظاهرة ؟
يقولون إن إسرائيل تخدع الجميع .
ونجيب وهل هذا الأمر جديد علينا ؟
يقولون إن الحكومة الجديدة ستقضم المزيد من الحقوق .
ونجيب وهل توقفت إسرائيل عن القضم والتهويد لحظة واحدة عبر كل حكوماتها .
يقولون إن أزمة إسرائيل الاقتصادية ستجبرها على تقديم تنازلات سياسية .
ونجيب ومتى كانت إسرائيل بدون أزمة اقتصادية ؟ ألا تعلمون أنها الدولة الوحيدة في العالم الذي لديها عجز دائم, وهذا العجز يغطيه دولة تدعى أميركا .
يقولون أصدقاء العرب سيجبرون الحكومة الجديدة للانصياع لشروط السلام .
ونجيب متى كان للعرب أصدقاء ؟.
يقولون إذن ما العمل ؟
ونجيب ... مرة واحدة ... واحدة فقط
هددوا بأنكم ستقاومون , بأنكم ستدعمون المقاومة .... إذا لن تقبل إسرائيل المبادرة سنعد للحرب ... والحصار..
- حصار إسرائيل طبعاً- ...ومقاطعتها
مرة واحدة ... في هذا المؤتمر ... تكاتفوا ... تصالحوا ... وقولوا أنكم لن تنتظروا إلى أبد الآبدين
فقد تحاربت أمتنا بما فيه الكفاية .
وتمزقت أمتنا بما فيه الكفاية .
وأُذلت أمتنا بما فيه الكفاية .
كفانا نتبارى في ذكر سيئات الراحل أولمرت , والبحث عن ميزات الآتي نتنياهو .
كفانا نحلل بين الليكود وكاديما , من منهم سيمنحنا السلام , ومن منهم سيشن علينا الحروب .
أيها السادة
" الحرف يميت ... والروح تحيي " قالها بولس الرسول في نقده لأيديولوجية العهد القديم المتهود .
منذ عهد بولس الرسول , لم يتغير شيء في الفكر اليهودي , بل ازداد انغلاقاً مع الأيديولوجية الصهيونية .
إسرائيل ستظل أسيرة لتاريخ ما قبل الحياة الجديدة والعالم الجديد .
إسرائيل إذا خرجت من مبدأ الحرب إلى مبدأ الروح , دمرت ذاتها .
وكلما حاصرتها الروح لتخرجها عن الحرف , أعلنت الحرب ...
على الله ...
والأنبياء ...
والأمم ...
فلا تقفوا منتظرين حربها القادمة .
أيها السادة
لا أحد في إسرائيل يقرر سياستها وحده ...
هي سياسة ثابتة , قديمة , مخطط لها منذ عقود ....
رحل إيهود وأتى بنيامين , وبقيت الثوابت , واختلفت الطرق والأساليب .
فلن يعط أحد منهم.... حق نبحث عنه .... ولن يوقف أحد بناء مستوطنة ... ولن يتوقف أحد عن التهجير والتهويد .....ولن تغمض عيونهم عن مياهنا ونفطنا ...
سيذهب ... إيهود ... ويتسحاق ... وتسيبي ... وشيمون
وسيأتي ... ليفي .... وشلومو ... وعزرا ... وموشيه
ولن يتغير شيء ... ما لم تتغيرون
الشيء الوحيد الذي سيقدمونه لنا مع ابتساماتهم الصفراء ....!
تحية ... فقط تحية ...
" شالوم "..... يا عرب
الإثنين مارس 30, 2009 8:03 pm
